تعرف على عدوك
إن للشيطان أماكن يأوي إليها ويترصد الناس فيها ليكيدهم ويلحق الأذى والضرر بهم في دينهم ودنياهم فمن مجالسه
( أ ) الماء : جاء في الحديث عن جابر رضي الله تعالى عنه : قال (( قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن إبليس يضع عرشه على الماء , ثم يبعث سراياه , فأدناهم منه منزلة أعظمهم فتنة , يجيء أحدهم فيقول : ما تركته حتى فرقت بينه وبين امرأته , قال : فيدنيه منه , ويقول : نعم أنت ))
( ب ) أماكن العبادة : قد يحضر الشيطان إلى دور العبادة ولذا أمر المصلون في جماعة بأن يسووا الصفوف في الصلاة وألا يدعوا بين صفوفهم فرجة للشيطان فيوسوس لهم , فأن الشيطان يأتي للمصلي ليلهيه عنها , ويشوش عليه فيها , جاء في الحديث عن جابر رضي الله تعالى عنه : قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم
يقول : (( أن الشيطان قد أيس أن يعبده المصلون في جزيرة العرب . ولكن في التحريش بينهم ))
( ج ) أماكن اللهو : الأماكن هي مصائد الشيطان , فيها تؤتى الفواحش , وتهتك الأعراض , ويزين الشيطان فيها كل فجور وضلالة لمن قصدها
( د ) مواضع النجاسات : المراحيض والحمامات فأن الشيطان يرتاح للخبث وينظر إلى عورات الناس في المرحاض والحمام , لذا أمرنا أن نسمي الله قبل دخول الحمامات والمراحيض , ونقول : ( بسم الله اللهم أني أعوذ بك من الخبث والخبائث من الرجس النجس الشيطان الرجيم ) وذكر النووي في الأذكار (( ستر ما بين أعين الجن وعورات بني آدم إذا دخل الكنيف أن يقول : بسم الله ))
( ه ) الأسواق ومفترق الطرق : هذه من أماكن الغفلة يجد الشيطان فيها طريقه إلى قلوب العباد فينشر فيها الفساد ويهيئها لما يريد
مداخــل الشــــيطان
قال ابن الجوزي رحمه الله تعالى : ( إنما يدخل على الناس بقدر ما يمكنه , ويزيد تمكنه منهم ويقل على مقدار يقظتهم وغفلتهم وجهلهم وعلمهم . واعلم أن القلب كالحصن وعلى ذلك الحصن سور , وللسور أبواب وفيه ثلم
( أي نوافذ ) وساكنه العقل والملائكة تتردد إلى ذلك الحصن , والى جانبه ربض فيه الهوى والشياطين , تختلف إلى ذلك الربض من غير مانع , والحرب قائم بين أهل الحصن وأهل الربض والشياطين لا تزال تدور حول الحصن تطلب غفلة الحارس والعبور من بعض الثلم فينبغي للحارس أن يعرف جميع أبواب الحصن الذي قد وكل بحفظه وجميع الثلم وأن لا يفتر عن الحراسة لحظة , فأن العدو ما يفتر )
وهذا الحصن مستنير بالذكر مشرق بالأيمان وفيه مرآة صقلية يتراءى فيها صور كل ما يمر به فأول ما يفعل الشيطان في الربض إكثار الدخان فتسود حيطان الحصن وتصدأ المرآة . وللعدو حملات : فتارة يحمل فيدخل الحصن فيكر عليه الحارس فيخرج وربما دخل فعاث ( أي أفسد ) وربما أقام لغفلة الحارس , وربما كدت الريح الطاردة للدخان فتسود حيطان الحصن وتصدأ المرآة , فيمر الشيطان ولا يدري به , وربما جرح الحارس لغفلته وأُسر واستخدم , وأقيم يستنبط الحيل في موافقة الهوى ومساعدته , وربما صار كالفقيه في الشر
قال بعض السلف : رأيت الشيطان فقال لي : كنت ألقى الناس فأعلمهم فصرت ألقاهم فأتعلم منهم . وربما هجم الشيطان على الذكي الفطن ومعه عروس الهوى قد جلاها فيتشاغل الفطن بالنظر إليها فيستأثره .
وأقوى القيد الذي يوثق به الأسرى : الجهل , وأوسطه في القوة : الهوى , وأضعفه : الغفلة , وما دام درع الأيمان على المؤمن فأن نبل العدو لا يقع في مقتل
أخيرا أعلم أن الشيطان لا يدخل إلا على ذي القلب الخالي من الذكر والتقوى والإخلاص واليقين فيلقي عدوك وساوسه فتجد المحل خاليا فتتمكن منه وتستقر فيه . كما قيل :
أتاني هواها قبل أن أعرف الهوى فصادف قلبا خاليا فتمكنا
وأما إذا كان القلب عامرا بالأيمان مسربلا بالتقوى , محصنا بالذكر فلا يكون للشيطان عليه سلطان ولا إليه سبيل
قال سبحانه وتعالى : (( إن الذين اتقوا إذا مسهم طائف من الشيطان تذكروا فإذا هم مبصرون ))
مصــائد الشــــيطان
مصائد الشيطان ومكان حبائله للفتنة والإغواء كثيرة ومنها :
( أ ) الاختلاء بالنساء الأجنبيات والمراد بالأجنبيات كل امرأة يحل للرجل نكاحها فالخلوة بهاعرضة للفتنة وعمل الشيطان . جاء في الحديث : (( ما اختلى رجل بامرأة أجنبية إلا وكان الشيطان ثالثهما ))
( ب ) إذا خرجت المرأة من بيتها متعطرة مبدية لزينتها , فأن الشيطان كما جاء في الخبر (( يجلس على مقدمة وجهها فيزينها لما أقبلت عليه ويجلس على عجيزتها يزينها لمن أدبرت عنه ))
( ج ) الشباب و الفراغ : إن الشباب والفراغ والجده مفسدة للمرء أي مفسدة
لذا جاء في الأثر :(( إن الله يبغض الشاب الفارغ )) لأن الشباب إذا لم يشغل ظاهره بمباح يستعين به على مستقبل دينه ودنياه عشعش الشيطان في قلبه وباض وفرخ , ثم تزدوج أفراخه أيضا وتبيض وتفرخ , وهكذا يتوالد نسل الشيطان توالدا أسرع من توالد سائر الحيوانات لأن طبع الشيطان من النار والنار إذا وجدت الحلفاء اليابسة ازداد اشتعالهاوكذلك الشهوة في نفس الشاب الفارغ . قال أحد العارفين( هي نفسك إن لم تشغلها بالحق شغلتك بالباطل )
( د ) الخمر والميسر كلاهما مصيدة الشيطان لأن الخمر أصل كل فساد ومعصية , فهي تذهب بالعقل وتغري شاربها بفعل كل منكر فهي أم الكبائر , قال الله تعالى : (( إنما يريد الشيطان أن يوقع بينكم العداوة والبغضاء في الخمر والميسر ويصدكم عن ذكر الله وعن الصلاة فهل أنتم منتهون )) وجاء في الحديث : (( لعنت الخمر بعينها , وشاربها , وساقيها , وبائعها , ومبتاعها , وعاصرها , ومعتصرها , وحاملها , والمحمولة إليه , وآكل ثمنها ))
( ه ) اللهو والغناء : هذان من أخطر مصائد الشيطان واللهو في اللغة : اللعب . والغناء : الصوت الذي يطرب وتغنى بالمرأة إذا تغزل بها . وقد وردت كلمة اللهو في القرآن فيما يزيد على خمسة عشر موضعا قال تعالى : (( ومن الناس من يشتري لهو الحديث ليضل عن سبيل الله بغير علم ويتخذها هزوا أولئك لهم عذاب مهين )) قال ابن مسعود رضي الله تعالى عنه : لهو الحديث الغناء ينبت النفاق في القلب
وروي عن أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (( صوتان ملعونان فاجران أنهى عنهما : صوت مزمار ورنة شيطان عند نغمة ومرح . ورنة عند مصيبة لطم خدود , وشق جيوب ))
وفي حديث (( وما من رجل يرفع صوته بالغناء إلا بعث الله عليه شيطانين : أحدهما على هذا المنكب والآخر على هذا المنكب . فلا يزالان يضربان بأرجلهما حتى يكون هو الذي يسكت ))
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق